Uncategorized

صيدلية في جنوب سياتل بحي متنوع عرقيا تساعد من يرغبون في تلقي اللقاح ضد كورونا

                       في يوم الأربعاء, امتلأت صيدلية محطة اوثيلو في جنوب سياتل بأشخاص من مختلف الجنسيات لتعبئة الوصفات الطبية لتلقي لقاح كوفيد-19.

فالصيدلية بالشارع الثالث والأربعون الجنوبي والواقع جنوبي شارع اوثيلو, هي كبقية الصيدليات من حيث امتلاء رفوفها بالأدوية وحقائب الإسعافات الأولية. ولكن ما يميزها حقا هو ارتباطها الثقافي بمجتمعها المحلي. فهي تعرض الكثير من المشغولات اليدوية وصابون حليب الإبل و بطاقات الدعوة الملونة يدويا كما مطويات إعلانية بصورة لمكة المكرمة مطبوعة عليها.

لقد أسسها الصيدليان أحمد علي وعبد الرحمن تاشي في عام 2018. وتعد الآن الصيدلية الوحيدة بمُلّاك من العرق الأسود. ولذلك فقد أصبح أغلب زبائنها من الأفارقة المهاجرين والأمريكيين ذوي الأصول الآسيوية والأفريقية. ويقول الطبيب أحمد علي أن معرفة طاقمهم بمتعدد اللغات و العناصر الحساسة في الثقافات المختلفة يمكنهم من تلبية احتياجات سكان الحي بكفاءة.

وقد ذكر بعض المرضى والمتطوعين أنه بينما يتفشى فيروس كورونا بين المجتمعات متعددة الأعراق في مقاطعة كينغ, فإن الصيدلية وعيادتها للكنائس والمساجد والمراكز الاجتماعية يساعد من هم بحاجة ماسة لتلقي اللقاح. فوفقا لإحصاءات هيئة الصحة العامة بمقاطعة كينغ وسياتل, فإن السكان من ذوي العرق الأسود يشكلون 11.6% من حالات مرضى كورونا بينما يمثلون نحو 6.4% من سكان المقاطعة.

ويقول مسئولو هيئة الصحة العامة أن أهمية الدور الذي تلعبه جهود الصيدلية المبذولة لتوفير اللقاح للمجتمعات التي تتعرض للتهميش ستزداد بعد أن أصبح من الممكن لذوي الستة عشر عاما تلقي اللقاح.

يقول علي عمر , أحد الرواد في منظمة دينية عاملة في مجال الصحة :” إن المجتمع الآن يثق في هذه الصيدلية ولذلك فإنها ذات أهمية كبرى في توزيع اللقاح.”

في يوم الأربعاء, سافر الطبيب أحمد علي إلى الصومال لكي يشرح طبيعة فيروس كورونا لعبد الحليم محمود المقيم برينتون والذي كان على وشك تلقي اللقاح، حيث تم أخذه إلى مكتب صغير به الممرضة إيمان يونس التي هدأت من روعه بلغته الأم كما الإنجليزية قبل أن تحقنه بجرعة اللقاح.

فقد أراد ساعي البريد الأمريكي ذا الخمسة وخمسون عاما عبد الحليم محمود أن يأخذ اللقاح لكي يقي والدته التي تعيش معه بمنزلهم الذي تسكنه عدة أجيال من الأسرة، من المرض. لم يتمكن عبد الحليم محمود من التسجيل في برنامج تحديد أهلية الأفراد لتلقي لقاح فيروس كورونا من دون مساعدة من ابنته. فنصحه الطاقم العامل بمركز أبو بكر الإسلامي بواشنطن بالتواصل مع علي عمر الذي ساعده في الحصول على موعد في الصيدلية بعد ثلاثة أيام فقط. وقال عبد الحليم محمود :” إن هذا قد سهل حصولي على اللقاح.”

وقد كان الأمر أكثر سهولة بالنسبة ماكسمود جيمكال ذا الاثنان وسبعون عاما المقيم بتاكوما سياتل. حيث حجز موعدا مسبقا في صباح اليوم ذاته، وقال :” أنا أفضل هذه الصيدلية على غيرها لأنهم يتحدثون بلغتي أيضا.”

وقد لاحظ أحمد علي أن القليل فقط ممن في المنطقة يستعملون الحواسيب والانترنت وأن قلة منهم أيضا يجيدون استعمال أداة أهلية أخذ اللقاح المحلية مما يقلل من انتشار أخذ اللقاح. فنصح أحمد علي المحليون بالاتصال بالعيادة للتحقق من وجود أماكن شاغرة والحجز كبديل.  

و بالإضافة لذلك فإن حاجز اختلاف الثقافة واللغة قد أدى في كثير من الأحيان للحيرة، فقد اعتاد موردو اللقاح القيام إعطاء الجرعات للناس في المنازل ذات الأسر من مختلف الأجيال بأنفسهم ولكن كان من الصعب عليهم معرفة من كان منهم مؤهلا لأخذ العلاج بسبب اختلاف لغاتهم.

إن موقع الصيدلية له أهميته أيضا حيث يسكن المسنين من عمر الخامسة والسبعون وما فوق في سياتل الغربية والجنوبية وديلريدج. كما أن زبائن الصيدلية من الملونين هم أكثر عرضة للجائحة من السكان البيض. حيث تبين أن اغلب من يتم نقلهم للمستشفيات، وأعلى معدلات الوفيات كانت منهم.

إن سكان مقاطعة كينغ من ذوي الأصول اللاتينية أو السوداء الذين تتراوح أعمارهم من السادسة عشر فما فوق لهم فرص قليلة لتلقي اللقاح . فوفقا لإحصاءات أجرتها هيئة الصحة العامة يوم الاثنين، فإن 18.3% من السكان ذوي الأصول الإسبانية و23.1% من السود قد تلقوا اللقاح بالفعل. أما السكان الأمريكيون الأصليون وكذلك سكان ألاسكا المحليون فقد كانوا الأعلى نسبة لتلقي للقاح بنسبة 38.6%، يتبعهم السكان ذوي الأصول الآسيوية بنسبة 31.8%. وأما31.2 % من السكان ذوي العرق الأبيض كانوا قد تلقوا اللقاح، بينما تلقى 30.6% من سكان جزر المحيط الهادي وهاواي المحليين جرعات اللقاح كاملة.

لقد كان طاقم الصيدلية منذ ثلاثة أعوام مهتما بتلبية احتياجات زبائنهم ذوي الدخل الأقل، أما اليوم فأولويتهم هي توفير اللقاح لمن هم أكثر عرضة للمرض.

ومن لم يتمكن من المرضى من استلام علاجه بنفسه فإن الصيدلية تتكفل بتوصيله إلى منزله. كما أنها تقبل جميع أنواع التأمين بصرف النظر عن طريقة السداد. حيث يعتمد 80% من زبائن الصيدلية على العون الصحي لسداد تكاليف علاجهم. كذلك فإن الغالبية من أصل الخمسين ومائة زبونا يوميا للصيدلية يعتمدون على خدمة التوصيل المنزلية للحصول على الأدوية. 

يأتي الناس للصيدلية من مناطق بعيدة مثل محليات كينت وتاكوما سياتل وتاكويلا فقط ليقوم طاقمها متعدد اللغات بشرح الوصفات الطبية لهم بلغاتهم، فإن الطاقم ملم بسبع لغات وهي السواحيلية والصومالية والعربية والأوروما والتاغالوغ والتيغرينية كما الإنجليزية.

يقول أحمد علي :” إن التهميش الذي نتعرض له نحن السود هو بسبب النظام الساري في الدولة، ولكن مجتمعاتنا مسئولة عنه أيضا حيث لا تمتلك حسا قياديا.”

توفر عيادة الصيدلية المؤقتة اللقاحات التي تنصح بها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. مما يساعد الصيدلية في تخفيف الخسائر التي يسببها سداد التأمين. ففي عام 2018، تلقى 180 شخصا لقاح مرض السحائي عن طريق الصيدلية وقد كان ذلك قبل موسم الحج السنوي للمسلمين الذي يستمر لخمسة أيام ويقصد فيه ثلاثة ملايين مسلما مكة المكرمة.

لقد كان أحمد علي لاجئا صوماليا. وقد انتقل إلى الحي في عام 1997 راغبا في أن يصبح خبيرا في مجال الصحة. ولكن قال أحمد علي أن معلميه قد حاولوا باستمرار تثبيط عزيمته لامتهان الصيدلة بإخباره أنها “ليست مجالا لأشخاص مثله.” ولكن عندما تخرج عمر علي أخيرا من كلية الصيدلة بجامعة واشنطن في عام 2008، كان قد عزم على خلق مساحة ملهمة للملونين من الشباب. 

تقول إيمان يونس، ممرضة بالصيدلية وطالبة دكتوراه بكلية التمريض بجامعة سياتل :” إن أحمد علي يساعد على خلق فرص للراغبين بالعمل بالمجال الصحي.” فبعض من الشباب الذين يعودون الصيدلية يطمحون لدخول مجال الخدمات الصحية بعد أن يتعاملوا مع أحمد علي وعبد الرحمن تاشي، والبعض الآخر قد بدأ بالفعل العمل كصيدليين تحت التدريب. 

إن حنان سعيد طالبة في المستوى الأعلى في برنامج الطب الحيوي بجامعة واشنطن بتاكوما وتستعد للالتحاق بكلية الصيدلة في الخريف القادم. عبرت حنان عن سعادتها برؤية الصيدلية وهي تفتح أبوابها قبالة مطعم عائلتها الذي يقدم مأكولات شرق أفريقية. 

ففي فترتها التدريبية في الصيدلية شعرت حنان سعيد بأن شغفها في مجال الصيدلة قد ازداد بفضل الجو العام بالصيدلية. فقد قام الطاقم العامل بتشجيعها مرارا ونصحها بالالتحاق ببرامج مفيدة في المجال، كما قد علمها كيفية بناء علاقة جيدة مع الزبائن مما دفعها للتطوع للعمل في الصيدلية يومين أسبوعيا حين تزور مطعم عائلتها. وتقول حنان سعيد :” إنهم يساعدونني لكي أصبح الصيدلانية التي أريد أن أغدو عليها في المستقبل.”

دور الصيدلية في التلقيح ضد كورونا

  عند بداية جائحة كورونا تعاون أحمد علي مع منصة صحة صومالية غير ربحية لعمل فيديوهات لتوعية المجتمع بطبيعة كوفيد-19. ولكي يحث الأفراد المترددين على أخذ اللقاح، قام أحمد علي بتوثيق مراحل أخذه لجرعات اللقاح ونشرها على فيسبوك وموقع مجلس الصحة الصومالي لإعلام المرضى بأنه آمن للاستخدام.

وعندما تم إيجاز لقاحات كورونا، سجل أحمد علي الصيدلية في وزارة الصحة بالمحلية لتتلقى جرعات اللقاح. وبالإضافة لتوفير لقاح موديرنا بالصيدلية، فقد تعاون أحمد علي منذ بداية فبراير مع مختلف المنظمات المجتمعية ومركز أبو بكر الإسلامي والكنائس وهيئة الصحة العامة وذلك لإقامة عيادات مؤقتة، والتي بفضلها قد تم بالفعل تطعيم 3.200 شخصا منذ العاشر من أبريل.

يقول المترجم بصحيفة سياتل، جيم بوكنان أن :” أحمد علي لم يساعد المجتمع الشرق أفريقي فقط في الحصول على اللقاح، ولكنه ساعد مجتمع السود بأكمله.” وقد كان ذلك بعد أن واجه جيم بوكنان صعوبة في توفير اللقاح لوالدته ذات الاثنان وثمانين عاما. فقد كون مع مجموعة من الباحثين الآخرين شبكة لمعرفة الأماكن التي يتوفر بها اللقاح فبدأ الناس في المدينة بالاستعانة بهم لتلقي اللقاح. فبتلقيه لمئات المكالمات يوميا من أشخاص يبحثون عن أماكن توفر اللقاح، يقول جيم بوكنان أنه قد أثبت خطأ المعتقد بأن السود يرفضون تلقي العلاج، بل ويقول أنهم :” سيفعلون أي شيء للحصول عليه.”

ففي الفترة بين شهري فبراير ومارس كان جيم بوكنان قد ساعد 500 شخصا بالفعل للحصول على اللقاح عن طريق موقع وزارة الصحة. وازدادت كفاءة العملية عندما ساعده أحد معارفه على التواصل مع أحمد علي. ففي الأسبوع الأول من لقائهما، حث جيم بوكنان قرابة الستين شخصا على تلقي اللقاح بعيادة أحمد علي. وعندما لم يعد لدى أحمد علي مواعيد متاحة، فإنه يعلم جيم بوكنان بعيادات أخرى يمكن للناس التسجيل بها لتلقي اللقاح. ذكر جيم بوكنان أن خالته المصابة بداء التصلب أرادت تلقي اللقاح ولكن لم يمكنها الذهاب وتحديد موعد، فقام أحمد علي بالتواصل مع طاقم عيادة أطفال أوديسا السود وأطفال سياتل لتوفير جرعات اللقاح لها بمنزلها.

يقول جيم بوكنان :” إن عدم توفر لقاح كورونا للأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية بشكل مستقر قد أودى بحياة الكثيرين منهم.”

عندما أقام مركز فان أسيلت المجتمعي عيادة مؤقتة للتلقيح ضد كورونا في منتصف شهر فبراير، طلبت رئيسة المجلس الاستشاري المقيمة بنيو هولي كيتس لانديس من أحمد علي إدارة العيادة. وقد قامت بدورها بتوزيع نشرات إعلانية على المنازل بالحي مساعدة متطوعين آخرين. وفي تلك الأثناء كانت منظمات المجتمع الشرق أفريقي المتمثلة في مجلس الصحة الصومالي وفرقة العمل المعنية بصحة الأسرة الصومالية، قد أبلغت أعضاءها وقامت بتوفير مترجمين. وقد سادت البهجة المركز المجتمعي في ذلك اليوم حيث تم تقديم الشاي للأفراد وأيضا توزيع أقنعة الوجوه وفرش الأسنان ومعقمات اليدين لمائة من المقيمين متعددي الأعراق الذين تم تطعيمهم.

تقول كيتس لانديس :” لكي تفهم الناس هنا في جنوب سياتل عليك أن تعيش معهم.” ومذلك الحين، قد استمرت كيتس لانديس بالتطوع في العيادات المؤقتة برفقة أحمد علي لتطعيم الناس في محلية كينغ الجنوبية. 

فمن مميزات الصيدلية أنها قد اكتسبت بالفعل ثقة السكان من مختلف الأعراق كما أنه يسهل تحديد مواعيد لأخذ جرعات اللقاح سواء في الصيدلية أو العيادات المؤقتة التي يقدمها الطاقم العامل بها. 

يقول عمر، أحد العاملين بوزارة الصحة :” إن الصيدلية تقوم بسد ثغرات لم تتمكن وزارة الصحة والمنظمات المعنية بالصحة من سدها.”

فقد عمل عمر في الصيدلية في شهري مارس وأبريل لتطعيم الأفراد في كنيسة إماكيوليت كونسيبشن في حي المقاطعة المركزية وأيضا في مركز هولي تيمبل الإنجيلي في سكايواي حيث كان 70% من المرضى من العرق الأسود.   

إن منصب عمر كمسئول رئيسي بمنظمة الصحة العامة الدينية يساعده في تنظيم لقاءات مع المسئولين الدينيين لإجابة أسئلة الناس عن كوفيد-19 وإرشادات السلامة وأيضا عن لقاحات كورونا. إن الطاقم المسلم الذي يعمل بعيادات الصيدلية المؤقتة بمحطة اوثيلو يراعي لمرضاه المسلمين. حيث يعلم أنه يجب فصل أماكن تطعيم النساء المحجبات عن الرجال وذلك لما تستدعيه العادات الثقافية والدينية. 

يقول عمر:” إنني أكن احتراما كبير لأحمد علي وطاقمه وذلك لفهمهم العميق لعملهم ودورهم في المجتمع.” 

Back to top button
%d